عدد المساهمات : 1744 نقاط : 2586 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 31/07/2011 العمر : 35
موضوع: جماعة "بوكو حرام" ومخطط تدمير نيجيريا الأحد يناير 22, 2012 12:53 pm
جماعة "بوكو حرام" ومخطط تدمير نيجيريا
بدأت الجماعة المعروفة ببوكو حرام حربها الطائفية في شمال نيجيريا ضد المسيحيين بتفجيرات الكنائس في نهاية الشهر الماضي، وبدأت المواقع المؤيدة للقاعدة والجماعة حملة إعلامية مؤازرة لهذه الحرب، استخدمت فيها القليل من الحقائق والكثير من الأكاذيب والتضليل.
والمصيبة التي لا يدركها الكثير من الناس أن حرب بوكو حرام لا تستهدف المسيحيين فحسب، بل تهدف إلى تفتيت نيجيريا وتدمير مقدراتها بما يعزل المسلمين في مناطق فقيرة بلا نفط وبلا موارد طبيعية أو منافذ على البحار.
حقائق عامة عن نيجيريا:
بداية سأضع بين أيديكم بعض الحقائق عن نيجيريا حتى نفهم صورة الوضع: عدد سكان نيجيريا يقارب الـ160 مليون نسمة (ضعف عدد سكان مصر)، ومساحة نيجيريا 924 ألف كيلومتر مربع (أقل قليلاً من مساحة مصر)، ونيجيريا أغنى دول أفريقيا بالنفط إلا وأنه بكل أسف لا يستفيد أغلب مواطني نيجيريا من هذه الثروة النفطية بسبب الفساد المستشري في جميع مستويات الدولة هذا من ناحية.
يتراوح عدد المسلمين في نيجيريا ما بين 50% و60%، ويعيش أغلبهم في شمال نيجيريا، وأبرز قبائلهم الهوسا (عددهم في نيجيريا حوالي 24 مليون) والفولاني، بينما أغلب سكان الجنوب من المسيحيين والوثنيين، وأبرز قبائلهم اليوروبا. منذ استقلال نيجيريا كان المسلمون المتحكمون بمقاليد السلطة، وجميع رؤساء نيجيريا منذ الاستقلال كانوا من المسلمين باستثناء الرئيس السابق أولوسون أبوسانجو والرئيس الحالي (جود لاك جونثان) وقد جاء للحكم عام 2010م بعد وفاة الرئيس عمر يارادو حيث كان نائبه، وأعيد انتخابه العام الماضي.
وشهدت نيجيريا عام 1966م محاولة انقلاب قام بها قادة عسكريون من الجنوب، لكن سرعان ما استعاد الشماليون السيطرة على الحكم، تلته حرب أهلية انتهت بتثبيت سيطرة الشماليون على الحكم (أي المسلمون).
يتركز جميع نفط نيجيريا جنوبي البلاد، وبشكل خاص في دلتا نهر النيجر، فيما يفتقر الشمال المسلم للنفط ويعاني من انحسار مساحة الأراضي الزراعية بسبب التصحر وزحف الصحراء الناجم عن التغيرات المناخية.
عاشت نيجيريا تحت الحكم العسكري لقادة الجيش منذ عام 1966م وحتى عام 1999م حيث نشر قادة الجيش الفساد في الدولة، ونهبوا ثروات البلاد.
بسبب التجاذب العرقي والطائفي بين المسلمين والمسيحيين اعتمدت نيجيريا عام 1999م النظام الفيدرالي القائم على إعطاء الولايات الـ36 صلاحيات واسعة في إدارة شؤونها الداخلية، وبناء عليه تطبق 12 ولاية شمالية الشريعة الإسلامية، وكانت اولى الولايات المطبقة للشريعة هي ولاية زمفرة عام 1999م.
التوتر الطائفي بين المسلمين والمسيحيين:
بالرغم من جنوح الوضع العام بنيجيريا نحو الاستقرار بعد انتهاء الحكم العسكري عام 1999م إلا أن التوتر الطائفي بقي موجوداً والفساد بقي منتشراً وعلى جميع المستويات، وكانت أبرز محطات التوتر الطائفي هي المجازر التي ارتكبت بحق المسلمين في مدينة جوس الواقعة في ولاية بلاتو (الهضبة) وسط نيجيريا عام 2010م.
واندلعت أول موجة مواجهات بين المسلمين والمسيحيين في مدينة جوس أواخر عام 2008م بسبب الخلاف على نتائج الانتخابات المحلية والتي فاز بها المسلمون وكان أكثر القتلى من المسلمين، وتجددت المواجهات في بداية عام 2010م بسبب اعتراض الجماعات المسيحية على بناء مسجد في حي يعتبرونه حكرًا للمسيحيين، وتطورت المواجهات إلى ارتكاب مجزرة قتل بها مئات المسلمين على يد العصابات المسيحية المتعصبة.
تمت السيطرة على الوضع في مدينة جوس وأرسل الجيش لحماية المدنيين وانتهت الأمور بعد بضعة أسابيع دامية، ومنذ ذلك الحين لم تتكرر المجازر بالرغم من بقاء الاحتقان الطائفي بدرجات متفاوتة.
وجذور المشكلة في ولاية بلاتو تعود إلى حقيقة أن المسلمين في الولاية أغلبهم وافدون جدد قادمون من الشمال طلباً للزرق والعمل، مما أدى لقلب الميزان السكاني الأمر الذي أغضب الجماعات التبشيرية التي تريد إبقاء الولاية مسيحية بأي ثمن كان.
جماعة بوكو حرام:
أما جماعة بوكو حرام فقد تأسست عام 2002م، ومن اسمها نكتشف الخلل الفكري المتجذر، فمعنى الاسم بلغة الهاوسا "التعليم الغربي حرام" أو "منع التعليم الغربي"، وحتى نفهم سبب تأسيس الجماعة فنشير إلى أنه لا يوجد تعليم حكومي إلزامي في أغلب الدول الأفريقية جنوبي الصحراء، والمدارس تقوم عليها مؤسسات أهلية وبالغالب تكون مؤسسات دينية.
وفي نيجيريا يوجد مدارس إسلامية لكن أكثر تدريسها يركز على الدين الإسلامي واللغة العربية، فيما تهمل تدريس العلوم والرياضيات، كما توجد مدارس تبشيرية وأخرى ذات نظام تعليم غربي، ولكي يضمن أهالي المسلمين مستقبلاً مهنياً لأبنائهم في الوظائف العامة أو الشركات والمؤسسات فيرسل الكثير منهم أبناءهم إلى المدارس التي تتبنى نظام تعليم غربي.
وبدلاً من يعالج مؤسسو جماعة بوكو حرام أصل المشكلة ويعملوا على طرح البديل للمدارس الغربية فكرسوا أنفسهم لمحاربة هذه المدارس ومنع الناس من إرسال أبنائهم إليها، وفي عام 2009م بدأت الجماعة بتسليح نفسها وخاضت في شهر تموز (7) مواجهات مسلحة مع القوات الحكومية في عدد من الولايات الشمالية، أدت لمقتل المئات من الجماعة أغلبهم أعدموا بدم بارد بعد استسلامهم أحياء.
وبعد أكثر من عامين من هذه المواجهات، سواء المجزرة التي ارتكبت بحق المسلمين في جوس أو بحق أسرى بوكو حرام، قررت الجماعة البدء بحملة تطهير عرقي وطائفي ضد المسيحيين الموجودين في شمال نيجيريا بدأتها بتفجيرات الكنائس في شمال البلاد ثم إنذار المسيحيين بمغادرة الشمال وطلبها من المسلمين مغادرة الجنوب والقدوم إلى الشمال. وهنا نشير إلى أوجه الخلل الخطيرة في مخطط بوكو حرام:<blockquote> 1- الزعم بأنهم يريدون الدفاع عن المسلمين غير صحيح، فمن ناحية المجازر أصبحت من الماضي، ومن ناحية أخرى الجماعات التي ارتكبت المجازر موجودة وعناوينها معروفة وموجودين في ولايات وسط وجنوب نيجيريا، وهذه المناطق لم تشهد أي عملية لبوكو حرام، وكانت العمليات فقط في الشمال النيجيري وفي ولايات تطبق الشريعة الإسلامية. 2- الطلب من المسيحيين مغادرة شمال نيجيريا هو تطهير عرقي وأخذ الأبرياء بجريرة غيرهم. 3- الطلب من المسلمين مغادرة جنوبي نيجيريا هو تطهير عرقي، بل ويضر جميع مسلمي نيجيريا فالجنوب أغنى من الشمال، ووجود الكثير من المسلمين هناك من أجل طلب الرزق، فهل تريد بوكو حرام مكافأة من ارتكبوا مجازر مدينة جوس وأن تخرج المسلمين من المدينة؟ هذا ما أرادته الجماعات المسيحية، وهذا ما تريده بوكو حرام!! 4- تفتح الجماعة بوابة الصراع الطائفي على مصراعيه في نيجيريا، مما سيقود لا سمح الله إلى تقسيم نيجيريا، مثلما حصل في السودان، وبدلاً من أن تكون نيجيريا بلداً يسيطر المسلمون على أكثر سياساته، ستصبح دولتين مسلمة فقيرة ومعزولة في الشمال، وأخرى أقل فقراً (نظراً لوجود النفط) ومعادية لكل قضايا المسلمين في الجنوب. 5- فتحت جرائم بوكو حرام بوابة الانتقام من المسلمين في جنوب البلاد، حيث بدأت تصريحات من قيادات مسيحية بأنهم لن يسكتوا على ما يرتكب في شمال البلاد، وحاولوا الاعتداء على عدد من المساجد في الجنوب، وتم الاعتداء اليوم على أحد المساجد شمال شرق نيجيريا. 6- تقوم الكثير من المواقع الإلكترونية ببث الأكاذيب والتهويل من أجل مؤازرة الجماعة إعلامياً، من بينها نشر صور لأشخاص كان يتم إحراقهم أحياء والزعم بأنهم مسلمون يحرقون في نيجيريا فيما هي بالحقيقة صور لمجازر في دولة رواندا (عامي 1998م و1999م) وهي مجازر لا علاقة للمسلمين بها، فلم يكونوا ضحاياها ولا مرتكبيها.</blockquote>