عدد المساهمات : 13493 نقاط : 22734 السٌّمعَة : 12 تاريخ التسجيل : 11/08/2010 الموقع : https://samaa5.yoo7.com/u2
موضوع: قصة حياة الفنانة شادية السبت يناير 07, 2012 5:48 pm
"فتوش" الدلوعة كما لقبها أفراد عائلتها ، التي غزت البيوت و القلوب دون "سابق إنذار"، دخلت عالم الفن الجميل منذ أن كانت في السابعة عشر من عمرها عام 1946 ، عندما ظهرت في لقطة واحدة من فيلم "أزهار و أشواك" ، و الذي كان بطولة مديحة يسري و يحيي شاهين ومعهما "النجمة" آنذاك سناء سميح ، التى رفضت أن تجلس بجانب "شادية" فى إفتتاح الفيلم بالبنوار الخاص بالنجوم ، ليس لسبب آخر سوى إنها "كومبارس" ، فبكت شادية في هذه الليلة كما لم تبك من قبل.
لقد بكت كبنت 17 التي أخفقت فى قصة حبها الأولى ، لتقسم بألا تسقط فى شراكه مرة أخرى بعد أن أهينت كرامتها الصغيرة ، لتراودها جدياً فكرة ترك المجال كله قبل أن تبدأ بالفعل!
لم ينجح "أزهار و اشواك" جماهيرياً ولكن النجاح الوحيد فى هذه التجربة هى شادية نفسها ، والتي لفتت أنظار المخرج حلمي رفلة الذي حضر مونتاج الفيلم ، فبهرته براءتها ورقة ملامحها ، وقرر أن يأخذها كبطلة فى فيلمه الجديد مع المطرب محمد فوزي "العقل فى إجازة" 1947 ، لتدخل شادية تلك الفتاة الساذجة حياتها الفنية من القمة ، حيث بدأت كبطلة للأفلام السينمائية ، ومنذ ذلك الحين إستمرت شادية على الشاشة تؤدى "بتلقائية" شديدة دور الفتاة المراهقة ، المرحة ، الشقية ، الدلوعة التى تبحث عن الحب طوال فترة دامت إلى ما يقرب من عشرة أعوام ، قدمت خلالهم حوالي 60 فيلماً كاملاً.
لكن سرعان ما لبثت شادية وأن شعرت بالملل من دور البراءة والمراهقة و"البنت العبيطة" -على حد قولها - وهو الدور الذى كان لا يتطلب من وجهة نظرها سوى إظهار المرح والشقاوة ، ، حتى تحولت دفة الأمور كثيراً عندما قدمت فيلم "ليلة من عمرى" مع المخرج عاطف سالم 1954 الذي كان بمثابة حالة تمرد واضحة على صورتها التي ترسخت في أذهان جمهور شباك التذاكر التقليدي ، بعده قدمت شادية فيلم "شاطئ الذكريات" 1955 مع المخرج عز الدين ذو الفقار ، وبالفعل بدأ يرى المخرجين وجوه أخرى في موهبة شادية التي كانت تبذل قصارى جهدها لكى تثبت تنوعها.
مع قدوم نهاية الخمسينات كان على الفتاة البريئة أن تنضج ، لتتتزوج وربما تصبح أماً، حيث تدرجت شادية في أدوارها السينمائية ، مما ساعد أكثر على مصداقية أدوارها و تقمصها "الطبيعي" والمناسب للدور، فقد لعبت دور الزوجة الغيورة في "إنت حبيبى"1957 مع يوسف شاهين ، والزوجة التي تحاصرها مشاعر الحيرة بين الزوج والعشيق في "لوعة الحب" 1960 مع صلاح أبو سيف ، والمرأة و الزوجة العاملة في "مراتى مدير عام" 1966 ، وفيلم "كرامة زوجتي" 1967.
ولا يمكن أن نغفل عن ذكر مرحلتها الكوميدية الاجتماعية التي كان معظمها أيضاً مع المخرج فطين عبد الوهاب مثل "الزوجة 13" 1962 ، "عفريت مراتي" 1968 ، "نص ساعة جواز" 1969 الذي وضعت فيه بصمة منفردة بأداءها لدور الممرضة "العانس" التي "لا تسعى" إلى جذب الرجال خلفها ، في المقابل تتسول النظرات من طبيبها الوسيم ، والذي يبدو إنه غير مدرك للموضوع أصلاً ، كما لا يمكننا أن ننسى دورها الشهير في فيلم "ميرامار" عام 1968 ، مع دور "زهرة" الفتاة الريفية البسيطة التي تقع ضحية أهواء أربعة رجال من زمن نهاية الستينات.
خذلت مرحلة السبعينات شادية كثيراً ، حيث تراجع نوعاً ما دورها كبطلة للسينما كما تراجع دورها كمطربة ، فقد إقتصرت أفلامها خلال تلك الفترة على ثمانية أفلام فقط خلال عشرة سنوات ، ولم تنجح شادية بصورتها الجديدة في مزاحمة جيل جديد صاعد من فتيات السبعينات مثل ميرفت أمين ونجلاء فتحي ومديحة كامل ، ليخبو بريق شادية الذي لازمها حتى "نحن لا نزرع الشوك" ، لتقرر إعتزال الشاشة تماماً بعد فيلمها الأخير "لا تسألني من أنا" عام 1984 ، مكتفية بنجاحها الكبير فى مسرحية "ريا و سكينة" آنذاك.
فى فترة نضوجها الفني التي جاءت مع أصعب المراحل التى مرت بها مصر ، قدمت شادية أعمال هامة للكاتب العالمى "نجيب محفوظ" الذي بُهر بأداء شادية لنساء رواياته حيث قال عنها : "كنت أظن أن شادية لا علاقة بينها وبين بطلات رواياتي فهى تلك "الدلوعة"، التي يحلم بها أي شاب ، بينما أعمالي تدور فى إطار مختلف".
لكن فتوش تمكنت مرة أخرى من التمرد على طبيعتها الخاصة لتقوم بأداء واحد من أهم أدوارها على الإطلاق مع شخصية الغانية "نور" في فيلم "اللص و الكلاب" عام 1962 ، والتي تصبح نقطة الضوء الوحيدة في حياة سعيد مهران ، بعدها قدمت دور "حميدة" في زقاق المدق للمخرج حسن الإمام 1963 ، لتنال شادية إعجاب نجيب محفوظ الشديد الذي لم يخف دهشته الشديدة لنضج بطلتنا في زقاق المدق بقوله : "لقد كنت أشعر بكل خلجة من خلجات حميدة متجسدة أمامي ، لقد كانت شادية ناجحة للغاية فى هذا الدور".
شادية:
"لأنني في عز مجدي أفكر في الإعتزال ، حيث أنني لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويداً رويداً .. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة .. لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف سيشاهدونها .. أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ، ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس".