قلبت أطول مئذنة ذهبية في العالم التي اعتلت ساعة مكة بطولها البالغ 208 أمتار، موازين المناسبات الإسلامية بمكة المكرمة، حيث إن دخول الأشهر الهجرية أو الإعلان عن مواسم الأعياد،لم يعد يتحدد بأجندة التقويم أو رؤية أهلة بدايتها فحسب، وإنما سيصاحب الإعلان عنها انطلاق نحو 16 حزمة ضوئية عمودية خاصة تصل إلى ما يزيد على 10 كيلومترات نحو السماء تبلغ قوة كل حزمة منها ما يقارب 10 كيلووات.
المئذنة الذهبية التي استقرت أول من أمس في أعلى هرم ساعة مكة المكرمة، والتي شيدت تنفيذا لأمر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتكون بذلك أعلى مئذنة على وجه المعمورة، من المتوقع أن يبث منها أذان المسجد الحرام مباشرة عبر مكبرات صوت خاصة، وذلك عند الانتهاء منها، إلى جانب أنه من الممكن سماع الأذان في محيط المسجد الحرام من مسافة 7 كيلومترات. وبواسطة 21 ألف مصباح ضوئي، تضاء أعلى قمة في ساعة مكة أثناء الأذان، تمتزج الروحانيات بالجماليات، إذ إن تلك الأضواء اللامعة باللونين الأبيض والأخضر يمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلومترا من البرج، مما يجعلها تشير إلى وقت دخول الصلاة بطريقة تمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من ضعاف السمع أو حتى البعيدين عن الحرم المكي من معرفة وقت الصلاة.
وكانت ساعة مكة قد أعلنت عن عهد جديد في التاريخ المكي الزمني، بعد أن احتلت المركز الأول على الساعات العالمية بمجرد انطلاقها في بداية شهر رمضان الماضي الذي تزامن مع بدايات شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، فبمجرد أن دقت عقارب الساعة مؤذنة ببداية شهر رمضان، حتى سبقتها إلى ذلك ساعة مكة المطلة على بيت الله الحرام بثوانيها الأكثر صرامة ودقة في آن واحد.
وعاش أهالي مكة وزوارها آنذاك ساعات من الترقب والمتابعة لمشاهدة اللحظات التاريخية لتشغيل أكبر ساعات العالم، تلك الساعة التي علا شموخها وسط تضاريس مكة المتحزمة بالجبال، لتعكس الجوانب الحضارية والتقنية في الأساليب العصرية التي وصلت إليها السعودية تزامنا مع أكبر توسعتين عملاقتين شهدهما الحرمان الشريفان. ويأتي وجود الساعة وتربعها كأكبر ساعة برج في العالم، التي يبلغ حجمها 6 أضعاف حجم ساعة «بيغ بن» الشهيرة، بدقة ثوانيها مؤكدة هوية المرحلة المقبلة بأهمية الالتزام بالوقت من الناحية التطويرية، لإنهاء المشاريع والخلاص من العشوائيات، وتوسعة الطرق وبناء الجسور، فالكل على موعد مع الدقة والالتزام.
العديد من المهام ملقاة على عاتق «ساعة مكة» إلى جانب تحديدها للوقت، حيث إنها تقوم أيضا بتحديد قبلة المساجد في مكة المكرمة، بعد أن أخطأت مساجد كثيرة التحديد الأمثل لقبلتها، وهو ما يجعل من تلك الساعة محددا أمثل يتحدى البوصلة وعوامل التقنية.
وبحسب القائمين على المشروع، فإن ساعة مكة
المكرمة تعد أكبر ساعة برجية في العالم، نظرا لقطر واجهتها الذي تعدى 40 مترا، وارتفاعها الذي يزيد على 400 متر عن مستوى الأرض، الأمر الذي يتيح فرصة رؤيتها من جميع أحياء مكة، وذلك من بعد يتجاوز 7 كيلومترات، مما يجعلها إضافة جمالية متميزة لمعالم أم القرى.
ويبلغ الارتفاع الإجمالي لبرج ساعة مكة نحو 601 متر، بينما يصل ارتفاع الساعة من قاعدتها إلى أعلى نقطة في قمة الهلال نحو 251 مترا، في حين تتكون من أربع واجهات يصل حجم الواجهتين الأمامية والخلفية إلى 43 مترا في 43 مترا، ويبلغ حجم الواجهتين الجانبيتين ما يقارب 43 مترا في 39 مترا.
وما يزيدها جمالا وروعة هو إمكانية رؤية لفظ التكبير «الله أكبر» في العالم فوق الساعة، خصوصا أن طول حرف الألف في كلمة لفظ الجلالة (الله) يمتد إلى أكثر من 23 مترا، ويبلغ قطر الهلال 23 مترا، وهو بذلك أكبر هلال تم صنعه حتى الآن، إضافة إلى اعتلاء لفظ الشهادتين «لا إله إلا الله محمد رسول الله» للواجهتين الجانبيتين للساعة.
وتتكون ساعة مكة المصممة على الطراز الإسلامي طبقا لأدق معايير السلامة، من مستوى قاعدي يحتوي على شرفة للزائرين، التي تقطع تحت واجهات الساعة الأربع، في حين يبلغ الوزن الإجمالي لساعة مكة ما يقارب 36 ألف طن. يشار إلى أن فندق «ساعة مكة - فيرمونت» الذي يحتضن الساعة والمتوج بلقب أفضل فندق جديد في منطقة الشرق الأوسط، يبلغ ارتفاعه نحو 577 مترا، ويتألف من 76 طابقا، بينما تصل أعداد الغرف والأجنحة الموجودة به إلى 858.