أمستردام.. ضفاف القنوات البرمائية
أمستردام من أجمل العواصم والمدن الأوروبية منذ زمن طويل، إذ إنها عبارة عن غابة مكثفة من المباني التاريخية القديمة والمتاحف والمراكز التجارية المهمة، تفصل بين مبانيها القنوات التي لا تحصى ولا تعد، مع جسور مصممة على الطريقة الفيكتورية، ويعود تاريخ بعضها إلى القرن الخامس عشر.
وإلى جانب عصرنتها وتحضرها وتطورها، تعتبر المدينة فسحة من الحرية التي يتمع بها الهولنديون وسكان البلاد الإسكندنافية بشكل عام على الصعيدين السياسي والاجتماعي. ويقصدها الناس عادة، إما للتبضع وإما للتعلم وإما للتجارة وإما للسفر كمركز أساسي من المراكز الأوروبية الرئيسية. ويقصدها البعض أيضا لهدوئها وبساطتها وجمالها واهتمامها بالزهور، إذ إنها من أهم دول العالم في مجال تصدير الزهور، وفيها أسواق كثيرة وضخمة يمكن أن تمتع الزائر والسائح، وتضم الكثير من الحدائق العامة والخاصة النادرة والمشهورة في أوروبا. المعلومات المتوافرة تقول إن المدينة من أكبر مدن البلاد أو ما يسمى ب«مملكة الأراضي المنخفضة»، وقد بدأ الناس باستيطانها في القرن الثالث عشر، وخصوصا على ضفتي نهر «الامستل» المشهور في هولندا.
ويقال إن مؤسسيها كانا صيادين بسيطين من الصيادين الذين يعتاشون على النهر. كما تعتبر هذه العاصمة الأوروبية الجميلة والعريقة والهادئة والأجدد من غيرها من مدن هولندا، من أهم المراكز التجارية والثقافية في البلاد، ومن المحطات الرئيسية كلندن، للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية والقارة الأفريقية وآسيا والخليج العربي. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الإطار، إن الدولة أو الحكومة منحت المدينة منذ بداية (القرن الثالث عشر) إعفاء على الضرائب لتمكينها من الانتعاش والازدهار اقتصاديا ولذا عملت الحكومة قديما على وصل قنواتها ببحر الشمال. ولا تزال منذ القرنين الرابع عشر والخامس عشر من أكثر المدن نجاحا وازدهارا وأهمية في أوروبا الشمالية.
وشهدت المدينة عصرا ذهبيا من الناحية التجارية أيام السيطرة الإسبانية من منتصف القرن السادس عشر إلى نهاية القرن السابع عشر ـ عندما جاء البريطانيون ونابليون ـ على الرغم من وقوفها ضد الثوار الهولنديين المطالبين بطرد الإسبان. بعد شق قناة السويس نهاية القرن التاسع عشر استعادت المدينة مجدها من جديد ـ أثناء استعمارها لإندونيسيا، وأصبحت مركزا لتجارة التوابل والشاي والبن والمطاط وتكرير النفط وصناعة السيارات والمواد الكيماوية، والأهم تجارة الماس.
ولهذا لا تزال المدينة حتى يومنا هذا من أهم المراكز الدولية لتجارة الماس واستخراجه وصقله. وبعد الحرب العالمية الثانية وتحريرها من قبل الحلفاء من الاحتلال الألماني، شهدت المدينة أيضا طفرة اقتصادية وسياحية لا تقارن بمثيل لها في أوروبا.
ولأن الناس يطلقون على أمستردام اسم «بندقية الشمال» تيمنا بالبندقية وقنواتها الكثيرة، تجذب المدينة المتحررة أكثر من غيرها أوروبيا، ملايين السياح القادمين من أميركا والدول الأوروبية والأفريقية والعربية (فيها جالية مغربية كبيرة)، إذ إنها تملك مواصفات المدينة القديمة معماريا والحديثة خدماتيا وتقنيا. وتضم الكثير من المباني التاريخية المهمة التي تستوعب المتاحف وقاعات الأوبرا وصالات العرض الفني وشتى أنواع الترفيه من كازينوهات وملاه ليلية.
ومن هذه المواقع المهمة: المتحف الوطني متحف ريكس، الذي يضم أعمالا فنية قديمة، ومتحفا فان غوخ ورامبراند ودار أوبرا أمستردام شتادتشوبورغ، ومبنى الجمارك التاريخي أو ما يعرف ببرج مونت، وحديقة الحيوانات، وأقدم حدائق العالم، حديقة هورتوس، وتقول الموسوعة الحرة إن «معهد أمستردام الدولي للتاريخ الاجتماعي» في المدينة، من أهم المراكز العلمية الخاصة بالتاريخ الاجتماعي في العالم.
كما تعد حديقة هورتوس، إحدى أقدم الحدائق البوتانيكية في العالم، حيث يعود تاريخها إلى أوائل القرن السابع عشر، محتوية على الكثير من النباتات الزراعية النادرة، أحدها نبتة البن التي كانت أصل انتشار زراعة البن لاحقا في أميركا اللاتينية.
ولا عجب أن تكون المدينة خامس محطة سياحية في جميع أنحاء أوروبا، إذ إنها تحتوي على أكثر من عشرين ألف غرفة فندقية وما لا يقل عن 360 فندقا من جميع أنواع الفئات.