عقد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى جلسة نقاشية، الأسبوع الماضى، حول تقييم الأوضاع فى مصر بعد ثورة 25 يناير، شارك فيها عدد من الباحثين بالمعهد.
وقال الباحثة، دينا جرجس، فى تقييمها إنه فى تناقض واحد لعهد الرئيس السابق، حسنى مبارك، ظهرت القوى السياسية الليبرالية والإسلامية، على حد سواء، فى المشهد السياسى لمصر فى حين أن التيارات التقليدية تراجعت إلى حد كبير.. وأشارت جرجس إلى أن القوى الدينية التى تظهر على الساحة الآن ليست متجانسة، ويمكن تحديد ثمانى مجموعات سلفية معتبرة الإخوان المسلمين من بينهما، وكذلك حركة شباب الإخوان.
وعزت الباحثة هذا التشرذم بين الجماعات الإسلامية إلى الإحساس الجديد بالحرية فى مصر، فرغم اتفاق هذه الجماعات على هدف واحد وهو إقامة دولة ترتكز على القيم الإسلامية، إلا أنهم يختلفون على وسائل تحقيق هذا الهدف وتطبيق الشريعة الإسلامية.
أما ديفيد سشينكر، فرأى أنه على الرغم من أن أحداث يناير كانت عميقة، إلا أن الدولة المصرية لا تزال سليمة.. وللأسف، فإن العديد من الخصائص ذات الإشكالية التى تعود إلى عصر مبارك لا تزال مستمرة.. فلا تزال هناك التدابير الأمنية المشددة والعنف الطائفى والمشكلات الاقتصادية ومعارضة الإصلاح السياسى.. وبغض النظر عمن سيقود مصر فى نهاية المطاف، إلا أن الحكومة القادمة ستواجه تحديات كبيرة فى الحكم وفى الاقتصاد وفى الشئون الخارجية.
واعتبر سشينكر أن الاقتصاد سيمثل التحدى الأكبر.. فمصر قد حققت معدلات نمو كبيرة ونفذت إصلاحات جوهرية فى ظل حكومة الحزب الوطنى الديمقراطى، وربما تكون الحكومة القادمة مضطرة إلى دحر بعض هذه الإصلاحات لأسباب عديدة.. إلا أنه سيتعين على مصر أن تواجه الضرر الاقتصادى العميق، الذى تسببت فيه الثورة، والتى أدى إلى إغلاق البورصة لعدة أسابيع وإلغاء الكثير من الرحلات السياحية.
وستواجه الحكومة القادمة تحديات فى الحكم والشئون الخارجية.. فالفساد وعدم الكفاءة والتجاوزات المستمرة من قبل جهاز أمن الدولة سيستمر بلا شك فى إحباط المصريين.. ومن ناحية أخرى، فإن نفوذ مصر الإقليمى قد تراجع بشكل كبير لصالح كل من إيران وتركيا.. وتواجه مصر الآن سيناريوهات لإخفاق الدولة على ثلاث من حدودها، فى الجنوب السودان وفى الغرب ليبيا وفى الشمال الشرقى غزة.. ويعد السؤال الأكثر أهمية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الآن هو كيف ستعالج الحكومة القادمة العلاقات مع واشنطن.
ودعا المجتمعون الولايات المتحدة إلى مساعدة مصر على اجتياز هذه المرحلة عن طريق عدة خطوات أهمها دعم الانتقال الشفاف إلى الديمقراطية ودعم الليبراليين والتركيز على أداء الحكومة وتخصيص تمويل للمجتمع المدنى، وأخيراً تنشيط العلاقات الثنائية وإعادة مصر كلاعب إقليمى.