صنعت من الحروف معاني جميلة ، وكسوتها بطلاء مميز
، كي تمتع عيناها بما تقرأه ، وترسوا بشموخها على
أغلى كلماته ، فهي عنوان القلم ، وفؤاد الحروف ،
ومهوى الفكر ، فكأنها شمس لا تعرف إلا النور الساطع
، والضياء الشاسع ، لكي تتحفني بنورها ،
وتشرق بهمتي عبر مساحاتها .
بنيت في فكري قصرا عاليا من الأمنيات العذبة
، وأحطته برمال من الثلج المكسور ، كي لا يعترف فكري
إلا بإرضائها ، والتعلق بلغة الشموخ في سماءها ، فهي أكبر
من اللغات ، وأغلى من الحكايات ، لأنها بطلة كل الروايات ،
فبطولاتها مشهودة ، وصفحاتها مقروئة ، والشاهد إبداعها
الذي زلزل كياني ، وأبحر في أعماقي
لم أنسى يوما حينما ضللتني بحروفها ، وضمتني بكلماتها
، بحنان لغاتها ، وروعة روحها ، فكانت أنثى من روعة الأمل
، تجابه وتواجه بإخلاصها كل مؤامرات الزمن ، وعداوات الدهر
، لأنها ثابتة أمام معاقل الخصوم ، شاهرة فكرها أمام حماقات
الأنذال ، وجناية الأشرار ، لأن أشواقها أقوى من أسلحتهم ،
ودموعها أغلى من وجودهم ، وذكرياتها أثمن من حاضرهم ،
وأيامها اجمل من واقعهم ، لأنها أشرف من
أرسمها روح ، من محبرة الجموح ، من عطر الشموخ ،
لأن شموخها أكبر من ظروفها ، ووجودها اجمل، وروحها أغلى ،
وحروفها تلملم شتاتها إليها أكثر ، وإلى ذاك الصدر الحنون
والذي يلتف حول كبرياء الأمل المستوطن في قلبها الشامخ
، والذي يغتال كل جراح وألم في داخلها .
رأيت المعاني كبيرة في حياتي ، ونسفت كل أوراقي
لأجل إستقبال ذكرياتها ، وتدوين ظروفها ، ومشاركتها آلامها
، ومع ذلك ترفض الإدلاء بشهادة ذكراها ، لأنها لا تكتفي إلا
بحضورها ، وزرع حنانها على أوراقها بقلمها الخالد منها وإليها .
سأرحل مع إنسانيتها ، وروعة طموحها ، وشموخ عطفها ،
ودفء إحساسها ، نعم سأتذوق من حنانها الحب والصفاء ،
ومن قلبها الطهارة والنقاء ، فلحظاتها إشراق ، وبحر وفاءها إغراق .
سأحارب الأيام ، وأغتال السنين ، وسأمحوا الذكريات ،
وألغي شهادة ميلادي ، لأن ميلادي يبدأ بحضورها
، فأنا لازلت بانتظار استقبالها ، لأرسم صفحة جديدة
من حياتي وحياتها ، فهي ساكنة هناك في ديوان العبقرية
، مسافرة في ضمائر الإبداع ، لا تعرف حسدا ،
ولكن .. ما أكثرهم حسادها .
هذا أنا بالحروف رسمتها ، وبالكلمات عزفتها ، وبقلبي
اللورانسي نقشتها ، وبإحساسي نزفتها ، يا أنثى
الروح والجمال ، ويا عطر الجموح والخيال ، يا أروع أنثى